أعباء نفسية مضاعفة.. نساء الجنوب الليبي بين الحرب والوصمة وصراع النجاة

أعباء نفسية مضاعفة.. نساء الجنوب الليبي بين الحرب والوصمة وصراع النجاة
ليبيا - أرشيف

تواجه النساء في الجنوب الليبي ضغوطاً نفسية متفاقمة، تتداخل فيها آثار الحرب الطويلة، والنزوح القسري، والعنف الأسري، مع وصمة اجتماعية تحاصر كل من تسعى إلى العلاج النفسي. 

ويؤدي نقص المراكز المتخصصة وغياب الدعم المجتمعي إلى تحويل هذه الأزمات إلى مآسٍ يومية، غالباً ما تبقى بلا علاج أو رعاية حقيقية، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم السبت.

تحكي إحدى النساء عن شقيقتها التي تحولت من فتاة محبة للحياة إلى ضحية للعنف الأسري والوصم الاجتماعي، بعد أن مُنعت من التعليم وقُيدت داخل المنزل، دخلت في عزلة طويلة، ولم تجد سوى المشعوذين بديلاً عن العلاج النفسي

ومع رفض الأسرة عرضها على طبيب خوفاً من "وصمة الجنون"، انتهت رحلتها بموت مأساوي إثر حادث سير، بعدما "ماتت مرات عدة قبل موتها الحقيقي"، كما تقول شقيقتها.

نازحة تتحدى الوصم

تروي نازحة فقدت منزلها بسبب الحرب معاناتها من نوبات هلع حادة. تقول إنها لجأت للأطباء وتعافت تدريجياً، لكن نظرة المجتمع لم ترحمها، إذ وُصفت بـ"المجنونة" وعدها البعض غير صالحة كونها زوجة أو أماً. 

ورغم تعافيها الطبي، بقيت أسيرة أحكام الآخرين، لتتحول الوصمة إلى عبء لا يقل قسوة عن المرض نفسه.

تصف سيدة أخرى معاناتها بعد الولادة، إذ عجزت عن تقبّل طفلها أو إرضاعه، وعاشت عزلة غلب عليها الخوف والغضب، وبدلاً من توجيهها نحو العلاج، وجدت نفسها موصومة بالفشل كأم. 

ومع مرور الوقت والعلاج التدريجي، استعادت حياتها، لكنها تؤكد أن المشكلة ليست في المرض ذاته، بل في غياب الوعي المجتمعي والدعم الأسري.

واقع صحي هش

تشير الاختصاصية النفسية سليمة زيدان إلى أن المنطقة لا تضم سوى مستوصف نفسي واحد بحجرة يتيمة، وهو ما يعجز عن تلبية الاحتياجات المتزايدة. 

وتوضح أن الاضطرابات الأكثر شيوعاً تشمل الاكتئاب، القلق، الفصام، الوسواس القهري، واضطرابات الأطفال مثل التوحد ومشكلات النطق، وتؤكد أن غياب الوعي والوصمة يؤديان إلى تأخر العلاج، ما يضاعف خطورة الحالات.

وتشدد زيدان على أن كثيراً من المرضى ما زالوا يلجؤون إلى الشعوذة أو الرقية الشرعية بديلاً عن العلاج العلمي، وهو ما يفاقم الأزمات. 

وترى أن وجود مركز متكامل للعلاج النفسي يمكن أن يقلل من الوصمة ويشجع على طلب المساعدة في وقت مبكر، كما تدعو إلى تعزيز البرامج الترفيهية للأطفال والشباب لتخفيف الضغوط، وتطالب بجهود حكومية ومجتمعية واسعة لإنشاء مركز متخصص يفتح باب الأمل للنساء والرجال على حد سواء.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية